[١٦] ويشمل ذلك إن كان الحاكم والياً على فئة قليلةٍ أو عامّةٍ كبيرةٍ من النّاس، ويكون الحاكم مسؤولاً عن رعيّته أيضاً من خلال نصحهم بما ينفعهم في دنياهم وآخرتهم، فيجلب لهم الخير ويدفع عنهم الشرّ، [١٧] ويساعدهم في ذلك، فيغلق ويسدّ ما يأخذ بأيديهم لمعصية الله -تعالى-، [١٨] وهو مسؤولٌ على القضاء على الفساد والفراغ المؤدّي بالشّباب إلى ذلك، فيفتح لهم المجال للإبداع والترفّع بمستويات العلم كافَّةً، ويؤمِّن لهم الوظائف والأعمال التي تسهّل عليهم سبل العيش، [١٨] وسيُسأل كذلك عن كلّ ما يقتضي السؤال عنه سواء في أمور الدين أو الدنيا، [١٩] وعن رفقه برعيّته ولينه بهم، وإحسانه لهم. [٢٠] مسؤوليّة الرَّجل تجاه أهله تتضمّن رعاية الرَّجل لأهل بيته تدبيره لأمورهم، وإعطاءهم حقوقهم، والاجتهاد في إصلاحهم وجلب الخير لهم، وإبعادهم عمّا يُسبِّب لهم الهلاك والضَّلال؛ لأنّ في صلاحهم واستقامتهم السَّعادة وراحة القلب والطمأنينة له، [٢١] وفي الإحسان إليهم إحسانٌ لنفسه، [١٧] ومن واجباته المسؤول عليها الإنفاق عليهم، وحسن معاشرته لهم. [٢٢] بالإضافة إلى تربية الأبناء تربيةً تقوم على المبادئ الإسلامية التي تصلحهم في دنياهم وآخرتهم، [٢٣] [٢٤] ويحسن معاملتهم، ويرفق بهم، [١٧] وأن يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر، ويعلّق قلوبهم بطاعة الله -تعالى- وعبادته، [٢٥] ويكفل تعليمهم العلوم الدينية والدنيويّة ومكارم الأخلاق، [٢٦] وتشمل هذه معظم واجبات هذه المسؤولية الأب والأم معاً، حيث إنّ دورهما معاً متكاملاً لا تناقض فيه.
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله محب المقسطين, والصلاة والسلام على أعدل الناس أجمعين, رسولنا محمد النبي الهادي الأمين, صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد, من اجّل الأوامر في الدين الحنيف التناصح والتواصي بالحق بين المؤمنين, قال تعالى { وَالْعَصْرِ ** إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ ** إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} وقال صلى الله عليه وسلم: " أنما الدين النصيحة " [متفق عليه اللفظ للإمام أحمد في مسنده]. وقال عليه الصلاة والسلام: " لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ". صحيح مسلم وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: فإن المؤمن للمؤمن كاليدين، تغسل إحداهما الأخرى, وقد لا ينقلع الوسخ إلا بنوع من الخشونة؛ لكن ذلك يوجب من النظافة والنعومة ما نحمد معه ذلك التخشين.. أهـ[28\53] قال رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم: «قال الله عَزَّ وَجَلَّ: المُتَحَابُّونَ في جَلاَلِي لَهُمْ مَنَابِرُ مِنْ نُورٍ يَغْبِطُهُمُ النَّبِيُّونَ وَالشُّهَدَاءُ». اخرجه الترمذي وقال حسن صحيح. فإذا عرفت هذا يا عبد الله, فأعلم بأني ناصحاً ومحب لك في الله رب العالمين, ولتقبل مني هذه النصيحة التي أرجو أن تكون خالصة له سبحانه.
مايك Bm 800, 2024